يقتضي نجاح المشروعات حرصا دؤوبا على صنع القرارات الصائبة، مما يدفعنا إلى التساؤل عن كيفية اتخاذ مثل هذه القرارات أساسا. ولعلنا نجد الإجابة عن هذا في الرجوع إلى ما قاله سقراط؛ فهذا الفيلسوف القديم يشير إلى مهارة أساسية للقادة، وهي طرح الأسئلة الذكية. لكن التحدي يتمثل في أن عددا قليلا من القادة والمديرين والموظفين يطرح أسئلة ذكية، وهذه مشكلة كبيرة، فالثقافات التي يواظب أفرادها على طرح الأسئلة تزدهر، وتلك التي تخشاها تفشل أو تتبوأ منزلة متوسطة بين نظيراتها. فما السبيل إلى تعزيز هذه الثقافة السقراطية؟ إليكم 7 مكونات رئيسة لها:
1. البحث عن الإجابات الأفضل:
إذا أردت الحصول على فريق يتبنى ثقافة طرح الأسئلة، فعليك أن تجعل الأمر منصبا على البحث عن أفضل الإجابات بدلا من كونه استجوابا. وحينما تفعل ذلك، يصبح لكل فرد دوره الخاص ومشاركاته المتنوعة التي يقدمها. أما الاستجواب فيؤدي إلى تثبيط المعنويات وانتهاج أساليب دفاعية تعيق إيجاد الإجابة الأفضل.
2. التواضع:
عليك أن تتخلى عن غرورك حين تحضر إلى العمل؛ لأنه يحول دون إمكان التعرف إلى الإجابات الصحيحة والمطلوبة. وحالما تفعل ذلك، يمكنك أن تصبح متواضعا وأن تقر بأنك لا تعرف الإجابة. وهذا يعيدنا إلى مسألة “طرح الأسئلة”؛ فإذا كان أحد أفراد الفريق يجهل إجابة معينة، فينبغي أن يهدف السؤال التالي حينئذ إلى العثور عليها، فذلك يسهم في إقصاء أي أعذار ويضع الجميع على المسار الصحيح لاستكشاف أفضل الإجابات الممكنة. فالحكمة تقول: كلما بادرنا إلى الاعتراف بجهلنا ماهية الإجابة، كلما سارعنا إلى تسخير طاقاتنا لمعرفتها.
3. تعزيز القدرة العقلية على الاحتمال:
يشعر معظم الناس بإرهاق عقلي فور تعاملهم مع القليل من الأسئلة، أي أن عقولهم تتجمد ويعانون من إعياء عاطفي؛ فكثرة الأسئلة وما يقابلها من ندرة في الأجوبة تؤدي إلى رد فعل يهدف إلى التملص، وربما يفقد الناس قدرتهم على التفكير أيضا. لكن لحسن الحظ، فإن البشر يستطيعون تعزيز قدراتهم العقلية على الاحتمال، بحيث يتمكنون من التعامل بكفاءة مع مزيد من الأسئلة. وأفضل وسيلة لفعل هذا هو تدريب العقل كالعضلات تماما. عليك أن تفكر بالمسألة وكأنه تدريب تمارسه في النادي الرياضي. تمرن ثم استرح ثم عاود الكرة. عندها ستصبح أقوى وأفضل في طرح الأسئلة، وفي المشاركة في البحث عن الأجوبة.
4. تمكين الجميع:
هل تريد تفجير طاقات فريقك؟ عليك إذن أن تطرح الأسئلة، وأن تبحث عن الأجوبة الأفضل. التقيت مؤخرا مع آرت غينسلر، مؤسس شركة التصميم الأضخم في العالم، وسألته كيف يمكنه النجاح في إدارة مؤسسة بهذا الحجم. فأجاب بأنه يوظف مبادئ التوجيه عن طريق نشر ثقافة طرح الأسئلة. ويضيف بأنه يشجع الأشخاص على طرح الأسئلة المختلفة دون تحفظ وفي كل المستويات التنظيمية. ويرغب غينسلر في أن تتمتع فرقه بالفضولية، وأن تعثر على أفضل الأجوبة الممكنة لعملائها.
5. التركيز
إذا أردت نتائج جيدة، عليك التركيز للحصول عليها؛ فعقولنا تتشتت بمجرد السعي نحو تنفيذ مهام متعددة. ويظهر بحث كليفورد ناس، البروفسور في جامعة ستانفورد، أن تعدد المهام يتسبب في خفض سرعة اتخاذ القرارات، والحد من صحتها. لذا عليك أن تتبع ما يسميه دانيال كانمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، بـ (تفكير النظام 2- Systems 2 thinking) والذي يمتاز بالبطء والتروي والعقلانية. ويساعدك هذا النمط في التغلب على التوجهات التلقائية السريعة، التي غالبا ما تدفعنا إلى الاستعجال في اتخاذ القرارات.
6. السؤال عن جوانب ثلاثة:
وهي: الإمكانات والاحتمالات والأولويات، وجميعها متصلة بعضها ببعض؛ لهذا عليك أن تطرح أسئلة مختلفة تتعلق بكل جانب منها. فهناك أسئلة معينة تولد الإمكانات، وأخرى تعزز قدرة الفريق على تقييم المخرجات المحتملة لقرارات معينة. أما النوع الثالث من الأسئلة فيساعد في تمكين أعضاء الفريق لوضع الأولويات المناسبة.
7. معرفة النفس:
قبل أن تشرع في طرح الأسئلة على الجميع، احرص على أن توجه الأسئلة إلى نفسك أولا. وينبغي عليك أن تمعن التفكير في المشكلات الراهنة، فهذه الطريقة تضمن لك أن تطرح أسئلة ذات جدوى. كما تؤكد احترامك لأفراد الفريق جميعهم، وتقديرك لوقتهم وإسهاماتهم وما يبذلونه من جهد، لأنك آثرت النظر في المشكلات المطروحة مباشرة قبل أن تقرر وضعها للدراسة ضمن ترتيب معين.
المصدر: فوربس- الشرق الأوسط